الإصلاح الجبائي .. هذه أبرز مقتضيات مشروع القانون الإطار رقم 69.19
تناقش لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب يوم غذٍ الجمعة 2 يوليوز مشروع قانون إطار يحمل رقم 69.19 يتعلق بالإصلاح الجبائي بعد المصادقة عليه في المجلس الوزاري الأخير الذي ترأسه عاهل البلاد.
يأتي مشروع القانون الإطار رقم 69.19 المتعلق بالإصلاح الجبائي في إطار الإصلاحات الهيكلية التي تهم مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية بالمملكة. سبق أن صدرت عدة توصيات متعلقة بإصلاح المنظومة الجبائية بالمملكة عن المناظرة الوطنية حول الجبايات التي نُظِّمت سنة 2019. كما أن التقرير الصادر عن لجنة النموذج التنموي الجديد سنة 2021 خصص حيزا هاما لإصلاح منظومة الضرائب والجبايات بالمملكة من أجل القيام بدورها الفعال في تمويل السياسية العمومية للدولة وتعزيز التماسك الاجتماعي بين مختلف فئات الشعب المغربي.
اقرأ أيضا: الضرائب المفروضة على العقار بالمغرب
تمت صياغة مقتضيات القانون الإطار رقم 69.19 بمبادرة من الحكومة بعد عدة مشاورات مع الفاعلين الاقتصاديين المعنيين بالمجال الضريبي، خاصة الاتحاد العام لمقاولات المغرب CGEM وباقي الفاعليين الاقتصاديين والاجتماعيين بالمملكة.
وُضعت الأهداف الأساسية لورش إصلاح المنظومة الجبائية وآليات تنفيذه في قانون إطار، والذي سيعتبر، بعد دخوله حيز التنفيذ، المرجع الرئيسي الذي يجب أن توافق روحه النصوص القانونية المنظمة لمختلف الضرائب والرسوم وذلك باعتباره الإطار العام للسياسة الجبائية للدولة.
بخصوص أجل تنزيل هذا الإصلاح، فقد حُدِّد في خمس سنوات المقبلة وذلك بصفة تدريجية، وباتخاذ التدابير المعتبرة ذات الأولوية في الإصلاح، والتي تهم بالدرجة الأولى تشجيع الاستثمار المحدث لفرض الشغل وتقليص الفوارق والتنمية الترابية وتشجيع فعالية الإدارة الجبائية إضافة إلى الاقتداء بالتجارب الدولية الفُضلى في الممارسات الجبائية.
من أجل بلوغ الهدف المنشود وهو إصلاح النظام الجبائي المغربي، وضع مشروع القانون الإطار رقم 69.19 عدة تدابير تهم الشركات والأشخاص الذاتيين.
بخصوص الضرائب المفروضة على الشركات فإنه سيتم التوجه تدريجيا نحو سعر موحد خاصة للشركات العاملة في الأنشطة الصناعية، مع منح أسعار تفضيلية موحدة للشركات المتواجدة بمناطق التسريع الصناعي، وسن تحفيزات ضريبية للمقاولات المبتكرة والمشتغلة في مجالات التكنولوجيا الحديثة والتطوير والمجال الاجتماعي، والرفع من الضريبة على المقاولات العمومية والخاصة التي تزاول أنشطة مقننة أو محتكرة.
أما بخصوص الأشخاص الذاتيين فسيتم إعادة النظر في أسعار الضريبة على الدخل وتوسيع وعاءها، إضافة إلى تحسين نظام المساهمة المهنية الموحدة CPU.
اقرأ أيضا: كل ما يجب معرفته عن نظام المساهمة المهنية الموحدة CPU
الامتيازات الجبائية.. استثنائية وبشروط
إن من سلبيات النظام الجبائي المغربي هو كثرة التحفيزات الجبائية الممنوحة لبعض القطاعات والأنشطة، دون أن يكون لهذه الامتيازات أثر في التنمية الاقتصادية، حيث أنه تستفيد بعض القطاعات من إعفاء كلي من بعض الضرائب رغم كونها تدخل في نطاق تطبيقها، أو من إعفاء جزئي كما هو الحال بالنسبة لمقاولات القطاع الفلاحي.
ولتقليص هذه الامتيازات، نصَّ القانون الإطار على أن الامتيازات الجبائية سيكون لها طابع استثنائي وستمنح وفقا لشروط ومعايير سيتم تحديدها بدقة استنادا إلى معطيات موضوعية.
كما أن هذه الامتيازات الجبائية لن يتم منحها إلا بعد دراسة كافة آثارها من طرف الحكومة قبل إقرارها، ويمكن مراجعتها أو حذفها نهائيا عندما يتبين أن هذه التحفيزات لها آثار سلبية أو أن آثارها الإيجابية محدودة، من خلال التقييمات الدورية التي سيتم إنجازها لضمان قيام التحفيزات الضريبية بدورها في التنمية.
جبايات الجماعات المحلية.. حكامة جديدة
وعياً منه بأهمية جبايات الجماعات الترابية، وبدورها الأساسي في التنمية المحلية، نصَّ مشروع القانون الإطار رقم 69.19 على أن تتم مراجعة القواعد المتعلقة بجبايات الجماعات الترابية أي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والقروية، وذلك لكي تتلاءم مع أحكام الضرائب الموضوعة لفائدة الدولة لاسيما من خلال مراجعة قواعد التحصيل والمراقبة، وتحديث مساطر المنازعات واستمرار إقرار الخدمات الإلكترونية.
نظرا لطبيعتها الخاصة، فإنه سيتم وضع تدابير جديدة تهم جبايات الجماعات الترابية وذلك من خلال مراجعة النصوص القانونية المنظمة للجبايات المحلية لاسيما القانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات المحلية كما تم تغييره بمقتضى القانون رقم 07.20، وذلك لوضع نمط حكامة مناسب للجماعات الترابية عن طريق ترشيد وتوضيح وعاء وأسعار جبايات الجماعات الترابية وتنظيمها من أجل القيام بدورها في التنمية المحلية.
القطاع غير المهيكل.. نظام جبائي مبسط
جعل القانون الإطار رقم 69.19 هدف إدماج القطاع غير المهيكل في الاقتصاد المنظَّم من بين أهدافه الأساسية، ومن أجل بلوغ ذلك فإن الدولة ستعمل وفقا لمقتضيات مشروع قانون الإطار على إرساء نظام جبائي مبسط وسهل الولوج لفائدة الوحدات الانتاجية والتجارية والخدماتية المشتغلة بالقطاع غير المهيكل وستضع برنامجا وطنيا للتحسيس والمواكبة بالتشاور مع الأطراف المعنية.
الإدارة الجبائية.. التزام بمواصلة أوراش الإصلاح
من أجل جعلها في مستوى الإصلاح الجبائي، أقر مشروع القانون الإطار رقم 69.19 عدة التزامات على عاتق الإدارة المكلفة بالضرائب بهدف الرقي بالخدمات المقدمة فائدة المرتفقين. حيث أنه ولوضع حد للاستعمال السيء للسلطة التقديرية للإدارة فيما يخص تحديد وتصحيح أسس فرض الضريبة فإنه سيتم تأطير هذه السلطة التقديرية وتحديد مجالها بمراجعة المقتضيات الخاصة بها في المدونة العامة للضرائب.
إن فرض الضريبة يجب أن يتم بناءً على وثائق ثبوتية يقدمها الملزم للإدارة من خلال الإقرارات التي يقوم بإيداعها بالإدارة، وعندما تقوم الإدارة بتصحيح أساس فرض الضريبة فإنها تكون ملزمة إثبات الأسس التي بمقتضاها تم التصحيح.
الإصلاح الجبائي.. مسؤولية الدولة
من أجل بلوغ الأهداف المتوخاة من الإصلاح الجبائي، أقر مشروع القانون الإطار رقم 69.19 مسؤولية الدولة من حيث مواصلة ورش رقمنة خدمات الإدارة الضريبية ودعم قدرات الموارد البشرية المكلفة بتحصيل الضريبة ورفع مستواها المعرفي والمهني.
كما أن الدولة ملزمة بتعزيز علاقة الثقة بين الإدارية الجبائية والخاضعين للضريبة من خلال توضيح النصوص القانونية المنظمة للجبايات لاسيما النص المرجعي وهو المدونة العامة للضرائب من خلال تبسيط المفاهيم التقنية والقانونية درءً للاختلافات حول التأويل، وضمان استقلالية اللجان المكلفة بالطعون الضريبية، وكذا من خلال إدراج قيم المواطنة الضريبية ضمن منظومة التربية والتكوين لتربية الأجيال القادمة على أهمية أداء الضريبة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
أقرأ أيضا: أبرز ما جاء به القانون المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية
إضافة إلى ذلك، وقصد ضمان فعالية التدابير المتخذة، ستضع الدولة مرصدا للجبايات مهمته إنجاز تقارير دورية لآثار هذه التدابير في الدفع بعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب.