قانون الحماية الاجتماعية بالمغرب في الجريدة الرسمية..هذه أبرز مقتضياته
صدر بالجريدة الرسمية عدد 6975 المؤرخة في 5 أبريل 2021 القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية والذي صدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.21.30 الصادر في 9 شعبان 1442 الموافق لـ 23 مارس 2021. النص القانوني الجديد يندرج في إطار الورش الوطني المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية لفائدة كافة الفئات الاجتماعية للشعب المغربي. جاء التشريع الجديد في 19 مادة موزعة على أربعة أبواب إضافة إلى ديباجة.
يندرج النص القانوني الجديد المتعلق بالحماية الاجتماعية في إطار عام حددته ديباجته في: ”تحقيق الحماية الاجتماعية والذي يعتبر مدخلا أساسيا للنهوض بالعنصر البشري باعتباره حلقة أساسية في التنمية ولبناء مجتمع تسوده العدالة الاجتماعية والمحلية والتي ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس يصبو إليها.”
بخصوص التأطير القانوني للقانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية، فقد تم الاستناد إلى أحكام الفصل 31 من الدستور المغربي الذي أرسى الحق في الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية وذلك حين نص على أن ”الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، تعمل على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في:
– العلاج والعناية الصحية؛
– الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة؛
– (…).”
كما تم الاستناد إلى المعاهدات الدولية النافذة بالمغرب بمصادقته عليها ومنها على الخصوص العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
الحماية الاجتماعية في قانون – إطار
انصب اختيار المشرع المغربي على هذه الآلية التشريعية الفريدة وهي القانون – إطار من أجل سن مقتضيات خاصة بالحماية الاجتماعية وذلك من أجل ضمان تطبيق سليم لورش إصلاح المنظومة الاجتماعية، وضمان استمراريته وديمومته وتنزيل مقتضياته في أجل أقصاه خمس سنوات من تاريخ نشر القانون الإطار. وتبقى خلال الفترة الانتقالية هاته، السياسات العمومية المتعلقة بالتغطية الصحية سارية المفعول.
قوانين التغطية الصحية بالمغرب متعددة .. ونتائج محدودة
إن القانون المنظم للتغطية الصحية بالمملكة المغربية هو القانون رقم 65.00 المتعلق بمدونة التغطية الصحية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.02.296 الصادر في 3 أكتوبر 2002 والمنشور بالجريدة الرسمية في 21 نونبر 2002 والذي يعتبر المرجع القانوني الأول فيما يخص التغطية الصحية بالمملكة.
بعد هذا القانون صدرت عدة قوانين متعلقة بالتغطية الصحية والتي لا زالت تعرف بعض التعثر من حيث التطبيق بسبب مشاكل عدة تلتقي كلها في مشكل التمويل.
سنة 2007 صدر القانون رقم 03.07 المتعلق بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض لبعض فئات مهنيي القطاع الخاص والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 13 دجنبر 2007.
قضى هذا القانون بإجبارية التأمين الإجباري عن المرض لفائدة بعض الأشخاص الذين يعملون في القطاع الخاص ولفائدة أزواجهم وفروعهم من الدرجة الأولى، وهو العمال المستقلون الذين يمارسون نشاطا مدرا للدخل لفائدتهم والأشخاص الممارسين للمهن الحرة ولمسيري جميع أنواع الشركات باستثناء شركات المساهمة Sociétés Anonymes (S.A) بشرط أن تكون لهم صفة أجير، وكذا معاونوا الصناع التقليديون، حيث يجب على هؤلاء اكتتاب تأمين إجباري عن المرض لدى مقاولات التأمين وإعادة التأمين أو لدى جمعيات التعاون المتبادل.
نفس القانون أوجب حدا أدنى للتأمين، حيث يجب أن يغطي على الأقل العلاجات المتعلقة بالاستشفاء والعمليات الجراحية والعلاجات المتعلقة بتتبع أمراض خطيرة أو أمراض يترتب عنها عجز يتطلب علاجا طويل الأمد، والعلاجات المتعلقة بالولادة.
وضع هذا القانون عقوبة مالية لعدم اكتتاب هذا التأمين من طرف الأشخاص المذكورين أعلاه وهي غرامة تتراوح بين مائة (100) درهم إلى خمسمائة (500) درهم.
تم نسخ هذا القانون وإلغاءه بموجب القانون رقم 98.15 الذي سيأتي ذكره فيما بعد.
في سنة 2015 صدر القانون رقم 116.12 المتعلق بنظام التأمين الاجباري الأساسي عن المرض الخاص بالطلبة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.105 الصادر في 18 شوال 1436 الموافق لـ 4 غشت 2015 المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 6 غشت 2015، والذي قضى بوضع نظام للتأمين الإجباري عن المرض لفائدة الطلبة الذين يتابعون تكوينهم في مدارس التعليم العالي أو التعليم العتيق أو الأقسام التحضيرية لولوج المدارس والمعاهد العليا، أو الذين يتابعون التكوين في سلك التقني المتخصص أو بمؤسسة للتكوين المهني الخاص المرخص لها، بشرط أن لا يتجاوز سنهم 30 سنة وأن لا يكونوا مستفيدين من التغطية الصحية بمقتضى نظام أخر للتأمين.
يقوم هذا النظام على اشتراكات يتحملها الطلبة تقوم المؤسسات التكوينية بتحصيلها عند تقييد الطالب أو إعادة تقييده ومساهمة تؤديها الدولة.
يُعهد بتدبير هذا النظام إلى الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي والمحدث سنة 1963 وذلك بكيفية مستقلة عن تدبير أنظمة التغطية الصحية الأخرى لا سيما تلك المتعلقة بموظفي الدولة.
خلال سنة 2017 صدر القانون رقم 98.15 المتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاص والذي صدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.17.15 الصادر في 28 رمضان 1438 الموافق لـ 23 يونيو 2017 والمنشور بالجريدة الرسمية في 13 يوليوز 2017، والذي ألغى القانون رقم 03.07 المذكور قبله.
حدد هذا القانون بعض الفئات التي تخضع لنظام تأمين إجباري أساسي عن المرض والذين لا يخضعون لأي نظام أخر وهم المهنيون والعمال المستقلون والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، ويتم تصنيفهم حسب المهن والأنشطة التي يمارسونها بمقتضى نصوص تنظيمية.
عُهد لتدبير هذا النظام إلى الصندوق الوطن للضمان الاجتماعي CNSS والذي أحدث سنة 1972 بمقتضى القانون رقم 1.72.184 المؤرخ في 27 يوليوز 1972.
يتم تمويل هذا النظام عن طريق اشتراكات الأشخاص المؤَمَّنين وحصيلة التوظيفات المالية والموارد الاخرى التي يمكن رصدها بمقتضى نصوص تشريعية أو تنظيمية.
يتم تحديد مبلغ الاشتراك على أساس الدخل الجزافي المطبق على كل مهنة حسب الصنف الذي تنتمي إليه، وقد تم إدراج الخاضعين لنظام المساهمة المهنية الموحدة CPUفي هذا النظام.
اقرأ أيضا: كل ما يجب معرفته عن نظام المساهمة المهنية الموحدة
تعميم الحماية الاجتماعية.. هدف منشود للقانون الإطار رقم 09.27
إن الهدف المنشود من طرف الدولة هو تعميم الحماية الاجتماعية لكافة فئات المجتمع المغربي، وفي هذا الإطار حدد أربعة مبادئ من أجل بلوغ هدف تعميم الحماية الاجتماعية وهي:
- مبدأ التضامن في أبعاده الاجتماعي والترابي وبين الأجيال والبين-مهني، الذي يقتضي تظافر مجهودات جميع المتدخلين في هذا المجال؛
- مبدأ عدم التمييز في الولوج إلى خدمات الحماية الاجتماعية؛
- مبدأ الاستباق الذي يقوم على تقييم دوري لآثار تدخلات الأطراف المعنية بالحماية الاجتماعية بغية اعتماد أفضل السبل الكفيلة بتثمين النتائج المحققة؛
- مبدأ المشاركة من خلال انخراط كل المتدخلين في السياسات والاستراتيجيات والبرامج المتعلقة بالحماية الاجتماعية.
تعميم الحماية الاجتماعية .. كيف؟
سيتم تعميم الحماية الاجتماعية عن طريق توسيع الاستفادة من التأمين الإجباري عن المرض لتشمل الفئات المعوزة والتي تم إدراجها في نظام المساعدة الطبية المعروف بـ ”راميد” RAMED، وكذا تنزيل التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاص بمقتضى القانون رقم 98.15 الذي أشرنا إليه فيما قبل، وكذا توسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل لتشمل كل شخص يتوفر على عمل قار.
كما أن القانون الإطار، ومن أجل بلوغ هدف تعميم الحماية الإجتماعية، ألزم السلطات العمومية المسؤولة عن قطاع الصحة العمومية بإصلاح المنظومة الصحية الوطنية وتأهيلها.
إن بلوغ الهدف المنشود المتمثل في تعميم الحماية الاجتماعية وباستقراء مقتضيات القانون الإطار رقم 09.21 سيتم عن طريق:
- تنسيق عمل كافة المتدخلين من أجل تطوير تدبير الهيئات المسيرة لأنظمة الحماية الاجتماعية لاسيما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي CNSS والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي CNOPS عن طريق مراجعة النصوص التشريعية المنظمة لها.
- اعتبار هدف تعميم الحماية الاجتماعية أولوية وطنية ومسؤولية مشتركة بين السلطة المركزية والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية والخاصة وهيئات المجتمع المدني وكافة المواطنين.
تمويل ورش الحماية الاجتماعية..اشتراك وتضامن
بخصوص تمويل الورش الوطني المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، فقد حدد القانون الإطار رقم 09.21 آليتين للتمويل، تقوم الأولى على اشتراك يتحمله الأشخاص القادرون على المساهمة، وفرض واجبات تكميلية على بعض الفئات المهنية، كما هو الشأن بالنسبة للخاضعين لنظام المساهمة المنية الموحدة.
أما الآلية الثانية فتقوم على التضامن ولذلك لفائدة الأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك وذلك بتخصيص موارد مالية من ميزانية الدولة والمتأتية من العائدات الضريبية وإصلاح صندوق دعم المواد الاستهلاكية الأساسية المعروف بصندوق المقاصة وكذا الهبات والوصايا.