قراءة في القانون رقم 13-113 المتعلق بالترحال الرعوي وتهيئة وتدبير المجالات الرعوية والمراعي الغابوية
مقدمة
عديدة هي الإكراهات الواقعية التي يعرفها الترحال بالمغرب، فمن جهة كان للتغيرات المناخية التي شهدها المغرب في العقود الأخيرة أثر كبير على الأراضي الرعوية التي زحف إليها التصحر والجفاف، مما شكَّل تهديدا حقيقيا للتوازن الإيكولوجي وأثَّر سلبا على ظروف عيش الساكنة التي تعمد على تربية الماشية كمصدر للعيش.
من جهة أخرى، الخلافات بين الرُّحل والساكنة المحلية للمناطق الرعوية سواء كانت مناطق عبور أو مناطق استقرار الرحل، والتي كانت في بعض الأحيان تؤدي إلى سلوكات تهدد السلم الإجتماعي.
ذلك ما أدى بالحكومة إلى التفكير في وضع حد لهذه الإكراهات ووضع إطار قانوني لحل هذه المشاكل، وهو ما تمت صياغته في القانون رقم 13-113 المتعلق بالترحال الرعوي وتهيئة وتدبير المجالات الرعوية والمراعي الغابوية، والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.53 صادر في 19 رجب 1437 (27 أبريل 2016) والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 6466 بتاريخ 19 ماي 2016.
يشكل هذا القانون منحا تشريعيا جديدا في تأطير ظاهرة الترحال وإضافة للترسانة القانونية المغربية التي لم تكن تعرف تأطيرا قانونيا لهذه الظاهرة المندرجة ضمن الموروث الثقافي للمغرب.
يتألف هذا النص التشريعي من 47 مادة موزعة على سبعة أبواب.
تطرق المشرع في الباب الأول للمقتضيات العامة، وفي الثاني للأنشطة الرعوية والمجالات الرعوية، فيما حدد في الثالث الآليات المؤسساتية التي ستسهر على تنظيم الرعي بالمملكة، والرابع للتنظيمات المهنية الرعوية، فيما خصص الخامس للترحال الرعوي، وأفرد الفصل السادس للعقوبات الموضوعة لمخالفي هذا القانون، وتحدث في الفصل الأخير عن المقتضيات الانتقالية لتطبيق القانون.
وسنتطرق فيما يلي لأبرز ما جاء في هذا التشريع، وذلك في نقطتين: نخصص الأولى للحديث عن المجال الرعوي: إحداثه وتدبيره، فيما نخصص الثانية للترحال الرعوي: شروطه ومراقبته.
أولا: المجال الرعوي
إن الهدف من إحداث مجال رعوي يمكن أن يكون، إضافة إلى الرعي، إنتاج البذور الرعوية لتزويد السوق الوطنية. ومن أجل فهم أعمق للمجال الرعوي سنتناول طريقة إحداثه وكيفية تدبيره.
1- إحداث المجال الرعوي:
إن إحداث المجال الرعوي لا يمكن أن يتم إلا عن طريق من له الحق في ذلك (أ)، والذي يجب أن تتوفر فيه شروط محددة (ب).
أ- من له الحق في إحداث مجال رعوي؟
حدد القانون الأشخاص الذين لهم الحق في إنشاء مجال رعوي في المادة 4 من القانون 13-113 وهم:
- الدولة ممثلة السلطة الحكومية المكلفة بالفلاحة؛
- الجماعات الترابية وهي إما جماعات محلية أو عمالات أو أقاليم؛
- التنظيمات المهنية الرعوية: وهي إما جمعيات أو تعاونيات لها طابع رعوي يؤسسها إما مالكوا القطعان وإما مالكو أراضي ذات طابع رعوي؛
- الخواص في أراضيهم الخاصة.
وقد أسند القانون كيفية إحداث المراعي لوزارة الفلاحة وهو المرسوم رقم 2.18.77 صادر في 19 رمضان 1439 (4 يونيو 2018) ومنشور بالجريدة الرسمية عدد 6684 في 21 يونيو 2018.
وتُحدث المجالات الرعوية، حسب المرسوم، على أساس دراسة مسبقة ينجزها الراغب في إحداث المجال الرعوي. تتضمن الدراسة وثائق للإحاطة بجميع جوانب المجال الرعوي، كخرائط المجال الرعوي، ووثائق يتم فيها وصف المجال وإمكانياته وإكراهاته، وجرد موارده وبيان حالتها والبنيات التحتية وممرات العبور إليه، وتحديد طاقته الاستعابية، وتحديد حقوق المستغلين على المجال أو ذوي الحقوق فيه إن وُجدت.
وعند استجابته للمعايير، يصدر وزير الفلاحة قرارا بإحداثه بعد استطلاع رأي اللجنة الوطنية للمراعي وعند الاقتضاء رأي اللجنة الوطنية التي يوجد المرعى بجهتها، وينشر القرار بالجريدة الرسمية.
ب- شروط إنشاء مجال رعوي:
إن إنشاء مجال رعوي لا يمكن أن يتم إلا إذا توافرت في الأرض المراد إنشاء المرعى عليها شروط تهدف لتحقيق استغلال معقلن للأرض وضمان استدامتها، وتتمثل هذه الشروط في:
- أن تكون للأرض طبيعة رعوية؛
- أن تكون حالة الموارد الرعوية التي تتوفر عليها جيدة؛
- أن يضمن إنشاء مجال رعوي بالأرض حقوق المستغلين وذوي الحقوق؛
- أن يكون موقع المرعى ملائما وتكون إمكانياته متاحة للرعي.
ويجب أن تأخذ تهيئة المرعى بعين الاعتبار الامكانيات الرعوية والبيئية وذلك عن طريق إنجاز البنيات التحتية ونقط الماء ومحلات لإيواء الحيوانات وتهيئة ممرات للعبور والتنقل إلى المرعى.
ويتحمل مصاريف هذه التهيئة من قام بذلك الدولة والجماعات الترابية والتنظيمات المهنية. عندما يقوم الخواص بذلك فوق أراضيهم فإن الدولة يمكنها أن تقدم دعما ماليا لهم عند طلبهم ذلك وذلك وفق ما هو محدد في نص تنظيمي.
ويلاحظ هنا أن المُشرع أورد إمكانية تقديم الدعم من طرف الدولة بعد أن كان إلزاميا بمقتضى الفصل 24 من القانون رقم 33.94 المتعلق بدوائر الاستثمار في الأراضي الفلاحية غير المسقية الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.95.10 صادر في 22 من رمضان 1415 (22 فبراير 1995) والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 4312 بتاريخ 21 يونيو 1995، الذي تم نسخه إضافة إلى فصول أخرى بمقتضى القانون 13-113.
كما أن النص أعطى للإدارة وهي السلطة الحكومية المكلفة بالفلاحة حق إحداث محميات رعوية داخل مجال رعوي وذلك حسب شروط تحدد في مرسوم لوزير الفلاحة وذلك إما في أراضي الجموع أو أراضي أملاك الدولة أو أراضي الخواص وعلى مختلف الأراضي كيفما كان نظامها العقاري.
بعد الحديث عن إنشاء المجال الرعوي ننتقل إلى التطرق إلى تدبيره.
2- تدبير المجال الرعوي:
يقصد بتدبير المجال الرعوي تسيير المرعى بعد إنشائه، لكونه يتطلب تسييرا معقلنا يهدف لضمان استمراره واستغلاله بشكل جيد لا يضر بالغطاء النباتي، والقيام بإصلاح الخسائر التي قد تتسبب بها الحيوانات أثناء رعيها بالمجال.
ويُعهد بتدبير المجال الرعوي الذي تنشئه الدولة إلى التنظيمات المهنية الرعوية وهي إما تعاونيات أو جمعيات لها هدف مرتبط بالرعي، أو إلى أشخاص ذاتيين أو معنويين وذلك بناء على دفتر تحملات يحدد حقوق وواجبات كل طرف وآليات تسوية المنازعات بينهما. نصت المادة 13 من القانون على أن نموذج دفتر التحملات النموذجي وكيفية تطبيقه سيتم تحديده بمقتضى نص تنظيمي، وهو ما صدر بالمرسوم رقم 2.18.77 صادر في 4 يونيو 2018 منشور بالجريدة الرسمية عدد 6684 بتاريخ 21 يونيو 2018، والذي أحال بدوره في الفقرة الثانية من المادة 9 على قرار لوزير الفلاحة، وهو القرار رقم 1810.18 مؤرخ في 7 يونيو 2018 منشور بالجريدة الرسمية عدد 6825 بتاريخ 28 أكتوبر 2019، والذي حدد ما يجب أن يتضمنه دفتر التحملات كحدود المجال الرعوي والتزامات الشخص المفوض له التدبير والوسائل البشرية والتنظيمية للشخص المفوض إليه التدبير، ومدة التدبير وكيفية تنفيذه وفسخه وكيفية تسوية النزاعات.
كما أن تدبير نقط الماء بالمرعى يكون بدوره موضوع دفتر تحملات منفصل بين الدولة والشخص المفوض له ذلك وذلك ما نص عليه الفصل 14 الذي أسند لوزير الفلاحة مهمة تحديد نموذج دفتر التحملات بواسطة مرسوم. وهو ما صدر بالمرسوم رقم 2.18.77 المشار إليه إعلاه، والذي أحال بدوره في الفقرة الثالثة من المادة 9 على قرار لوزير الفلاحة، وهو القرار رقم 1810.18 المشار إليه أعلاه، والذي حدد في مادته الثانية العناصر الأساسية التي يجب أن يتضمنها دفتر التحملات الخاص بتدبير نقط الماء.
ويمكن تفويض تدبير نقط الماء إلى شخص اخر غير الشخص المفوض له تدبير المرعى، وتجب الاشارة إلى ذلك لزوما في دفتر التحملات الخاص بتدبير المجال الرعوي.
بعد تهيئة المجال الرعوي وفقا للشروط التي رأينا يصبح المرعى جاهزا لاستقبال القطيع، وذلك بشروط يجب أن تتوفر في القطيع وفي الرحل الراغبين في دخول المجال الرعوي، وهو ما سنفصله في النقطة الثانية.
ثانيا: الترحال الرعوي
جاء القانون 13-113 بعدة مقتضيات تخص الترحال الرعوي، فقد وضع القانون شروطا لممارسته، وهو ما سنتحدث عنه أولا، كما وضع آليات لمراقبته.
1- شروط الترحال الرعوي:
إن ممارسي الترحال الرعوي الراغبين في التنقل إلى المراعي المهيأة بالتراب الوطني سيكون عليهم قبل التنقل إلى المرعى الحصول على ترخيص (أ)، وأن يلتزموا بعدة التزامات أثناء اقامتهم بالمرعى وبعد مغادرته (ب).
أ- الحصول على ترخيص الترحال الرعوي:
ألزم القانون ممارسي الترحال الرعوي الراغبين بالتنقل في ربوع المملكة للرعي التوفر على ترخيص يدعى ”ترخيص الترحال الرعوي” .
يسلم هذا الترخيص المديرية الإقليمية أو الجهوية للفلاحة والتي تمسك سجلا للتراخيص بشكل الكتروني، التي يتواجد بها القطيع كما نص على ذلك المرسوم رقم 78-18-2 الصادر في 19 رجب 1439 (6 ابريل 2018) منشور بالجريدة الرسمية عدد 6666 في 19 أبريل 2018، المتعلق بشروط وأشكال وكيفيات منح ترخيص الترحال الرعوي.
بعد إيداع طلب في الموضوع من طرف الراغب في الترحال أو من ينوب عنه، والذي يجب أن يُقدم وفق نموذج يحدد بقرار من طرف وزير الفلاحة، وهو القرار رقم 871.18 صادر في 6 أبريل 2018 والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 6692 بتاريخ 19 يوليوز 2018، يودع الطلب لدى المديرية الجهوية أو الاقليمة للفلاحة الاقرب التي يوجد القطيع داخل دائرة نفوذها التي تسلمه فورا اشعارا بالتوصل.
يجب إرفاق الطلب بنسخ من وثائق تمكن من تحديد هوية مالك القطيع أو من يفوضه وهوية الراعي أو الرعاة المكلفين بالحراسة ووثيقة طبية عن حالة القطيع الصحية يسلمها مكتب السلامة الصحية للمنتوجات الغذائية ووثيقة تثبت العلاقة بين صاحب الطلب والمجال الرعوي المقصود للرعي عندما يتعلق الأمر بمرعى الخواص.
بعد دراسة الطلب من قبل المصلحة المختصة في المديرية الإقلمية أو الجهوية للفلاحة داخل أجل 15 يوما من تاريخ التوصل بالطلب فإنها إما تستجيب للطلب إذا كانت جميع الوثائق مودعة رفقة الملف، وفي حال كون وثيقة واحدة أو أكثر ناقصة أو غير مطابقة، تطب المديرية من المعني بالأمر الإدلاء بالوثائق الناقصة وتمنحه أجل 15 يوما للإدلاء بها تحت طائلة اعتبار الطلب لاغيا.
وفي حالة استجابة الطلب للمعايير الصحية وقدرة المرعى المقصود على استيعاب عدد القطيع ونوعيته والوسائل المستعملة لنقله، تسلم المديرية ترخيص الترحال الرعوي.
يحدد الترخيص هوية مالك القطيع وتركيبته ومساره ووجهته ومدة الترخيص التي لا يمكن أن تتجاوز اثنا عشر شهرا.
وألزم القانون مديرية الفلاحة بتوجيه نسخة من الترخيص إلى العامل أو الوالي الذي يتواجد بنفوذه المجال الرعوي المستقبِل للقطيع.
بعد الحصول على ترخيص الترحال الرعوي يمكن للمستفيد منه التنقل إلى المرعى موضوع الترخيص، مع التزامه بعدة التزامات أثناء الإقامة بالمرعى وبعد مغادرته.
ب- التزامات المستفيد من ترخيص الترحال الرعوي:
يجب عى المستفيد من ترخيص الترحال الرعوي أثناء تنقله إلى المرعى تتبع مسار خاص للتنقل وفقا للترخيص الممنوح له والذي يجب أن يحدد له المسار ومحور التنقل. وفي هذا الإطار فإن وزارة الفلاحة يلزمها القانون بوضع خرائط لممرات العبور وهي مسالك تابع للملك العام ذات استعمال عمومي.
ويلزم القانون المستفيد من رخصة الترحال الرعوي عند وصوله للمرعى المستقبِل له إخبار السلطة الإدارية المحلية التابع لها النفود الترابي للمرعى. ولا تعرف الجدوى من هذا الإخبار باعتبار أن ترخيص الترحال الرعوي الصادر عن المديرية الجهوية أو الاقليمية للفلاحة يتم إرسال نسخة منه للوالي أو العامل الذي يوجد المرعى بدائرة نفوذه.
يُلزم القانون الرّحل بحراسة القطعان طيلة مدة الإقامة بالمرعى وذلك بواسطة رعاة، غير أن القانون لم يحدد العدد اللازم من الرعاة للقطيع، خاصة إذا علمنا أن معظم النزاعات التي تثور بين الرحل وملاك الاراضي الرعوية تكون بسبب قلة الرعاة مقارنة مع عدد القطيع ونوعيته مما يصعب التحكم فيه وبالتالي خروجه عن حدود المرعى وبالتالي الحاق الضرر بالأشجار المثمرة المجاورة للمرعى خاصة في المجالات الرعوية غير المسيجة. كان من الأجدر على المشرِّع إضافة عدد الرعاة بالمقارنة مع حجم القطيع ونوعه كشرط أساسي للحصول على رخصة الترحال الرعوي، وإضافة التزام خاص من الرعاة، يودع رفقة الطلب، يلتزمون فيه بعدم الإضرار بالأراضي المجاورة للمرعى تحت مسؤوليتهم الشخصية.
بعد انصرام مدة رخصة الترحال الرعوي، يجب على الرحل إخراج القطيع خارج حدود المجال الرعوي المستقبِل وإخبار السلطات المحلية بذلك، واقتياد القطيع إلى مكان قدومه أو إلى مجال رعوي أخر عند توفره على ترخيص يهم ذلك المجال.
ويمكن للمستفيد من ترخيص الترحال الرعوي تجديد الرخصة قبل انتهائها، وهو ما جاءت به المادة 27 من القانون 13-113 في فقرتها الثانية وذلك لدى الادارة التي منحته الرخصة الأولى.
غير أن هناك تناقضا مع القرار رقم 871.18 المشار إليه أعلاه، حيث يشير في المادة السادسة منه أن تمديد رخصة الترحال الرعوي يتم بالمديرية الإقليمة أو الجهوية للفلاحة الأقرب التي يوجد القطيع بدائرة نفوذها، أي أنه يجدد الرخصة بالمديرية التي يوجد المرعى الذي يقيم به بدائرة نفوذها، وليس المديرية التي سلمته الرخصة الاولى للانطلاق.
2- مراقبة الترحال الرعوي:
بالإضافة إلى الآليات المؤسساتية لمواكبة تنفيذ القانون 13-113 (أ)، وضع المشرع عقوبات لمخالفة مقتضيات القانون (ب).
أ- الآليات المؤسساتية لمواكبة تنفيذ القانون 13-113:
وضع القانون مؤسستين لمواكبة تنفيذ القانون وهي كالتالي:
1- اللجنة الوطنية للمراعي:
وهي لجنة استشارية توجد تحت سلطة وزارة الفلاحة وذلك بمقتضى المرسوم رقم 2.18.131 بتاريخ 24 شعبان 1439 (11 ماي 2018) منشور بالجريدة الرسمية عدد 6678 في 31 ماي 2018 والذي حدَّد تركيبتها وكيفية اشتغالها.
يكمن دور اللجنة الوطنية للمراعي في إبداء الرأي لوزارة الفلاحة حول جميع القضايا التي تتعلق بالمجال الرعوي.
وتتألف اللجنة من رئيس وممثلين عن الدولة، وممثلي عدة وكالات وطنية لها ارتباط بمجال الرعي.
2- اللجان الجهوية للمراعي:
وهي لجان محلية تحدث على صعيد كل جهة يوجد فيها مجال رعوي أو مرعى غابوي، وهي تحت سلطة والي الجهة الذي يرأسها طبقا للمرسوم رقم 2.18.131 المشار إليه.
وتتألف، إضافة إلى والي الجهة كرئيس، من ممثلي المصالح الجهوية للإدارات الممثلة في اللجنة الوطنية وكذا ممثلين عن التنظيمات المهنية الرعوية.
ب- العقوبات الموضوعة لمخالفي القانون 13-113 ومسطرة معاينتها:
حدَّد القانون عقوبات مالية جراء مخالفته، ووضع مسطرة لرصد المخالفات التي حددها.
1- العقوبات المحددة في القانون:
حدد القانون نوعين من المخالفات: تهم الأولى الأشخاص الذين يقومون بالإعتداء على المجالات الرعوية المهيأة عن طريق كسر أنصابها أو إلحاق الضرر بغطائها النباتي أو تعطيل تجهيزاتها أو عرقلة تنقل القطيع إليها، وحدد العقوبة لذلك في الغرامة من 5.000,00 درهم إلى 20.000,00 درهم مع مضاعفتها في حالة العود.
وتهم الثانية ملاَّك القطعان، وحُددت الغرامة عن رأس كل حيوان في 100,00 درهم للمعز والأغنام و 250,00 درهم للبقر والخيول والحمير و 500,00 درهم للإبل وذلك عند الدخول إلى مرعى دون التوفر على رخصة الترحال الرعوي أو البقاء فيه بعد انتهاء مدة الرخصة أو إدخال أكثر من العدد المسموح به المحدد في رخصة الترحال الرعوي أو إدخال أصناف أخرى أو ترك القطيع دون راع.
في حالة تعدد المخالفات تطبق العقوبات على كل مخالفة مرتكبة وذلك دون الإخلال بالعقوبات الجنائية.
2- مسطرة رصد المخالفات:
أعطى القانون صلاحية تحرير محاضر المخالفات لهذا القانون إضافة لضباط الشرطة القضائية، للأعوان المحلفون المؤهلون من طرف وزارة الفلاحة وهم المهندسون والتقنيون الذين تفوضهم المصالح الوزارية لذلك وذلك بمقتضى المرسوم رقم 2.18.79 صادر في 8 رجب 1439 (26 مارس 2018) منشور بالجريدة الرسمية عدد 6668 في 26 ابريل 2018.
وبالنسبة للمراعي الغابوية فهم أعوان الإدارة المكلفون بمهام الشرطة الغابوية المتوفرين على بطاقة مهنية لهذا الغرض.
ويلزم هؤلاء بكتمان السر المهني أثناء قيامهم برصد المخالفات. يتم تحرير محاضر من قبلهم تُحدد هوية مرتكب المخالفة وتاريخها ومكانها وعدد القطيع وصنفه.
كما يعطيهم القانون الحق في القيام بحجز القطيع الذي يوجد في حالة مخالفة سواء كله أو بعضه وإيداعه بالمحجز.
يقوم العون محرر المحضر بإرساله للمديرية الجهوية أو الاقليمية للفلاحة المرتكب بدائرتها المخالفة، التي تقوم بدراسة الملف وإجراء بحث تكميلي والاستماع للمخالف إذا رأت في ذلك مصلحة.
ويمكن للمخالف طلب المصالحة وذلك حسب المادة 4 من المرسوم 2.18.79 المشار إليه أعلاه وذلك داخل أجل سبعة ايام عمل من تاريخ تحرير المحضر.
وحسب القانون فإنه، وبناء على المحضر، يحق للإدارة تطبيق مسطرة المصالحة بعد طلب المعني بالأمر وتحدد له أجلا لأداء الغرامة التصالحية التي لا يمكن أن تقل عن مبلغ الغرامة، وتبلِّغه إلى المخالف داخل أجل عشرة أيام من العمل من تاريخ التوصل بمحضر المخالفة. عندما لا يقوم المخالف بأداء الغرامة التصالحية داخل أجل ثلاثين يوما يعتبر ذلك تراجعا عن المصالحة وتقوم المديرية بإرسال الملف للمحكمة قصد تحريك المتابعة من طرف النيابة العامة.
خاتمة:
بعد رصدنا للقانون 13-113 المتعلق بالترحال الرعوي وتهيئة المجالات الرعوية، فإننا نخلص إلى أنه إضافة للترسانة القانونية المغربية، رغم قصور بعض مقتضياته، وضعف الوسائل القانونية الموضوعة لضمان تنزيله السليم على أرض الواقع.
وفيما يلي نسرد بعض التوصيات التي يمكن أن تكون مدخلا لتعديله قصد ملاءمته مع البيئة القانونية والاجتماعية وبالتالي ضمان تطبيقه بشكل سليم.
- إعادة صياغة الفقرة الثانية من المادة الأولى التي تبين الهدف من هذا القانون بكونه ”إطار قانوني لتنظيم الموارد الرعوية استعمالها المعقلن والمستدام” وهو ما يعطي الإنطباع بأنه من الممكن أن يكون هناك استعمال غير معقلن وغير مستدام، لذا وجب صياغتها للتوافق مع الأصل في الأشياء وهو الاستعمال المعقلن والمستدام؛
- يجب إعادة النظر في التعريف الذي وضعه المشرع للمجال الرعوي والذي حدد شرطه في كون الأرض لها طابع رعوي، وباستقراء فصول النص يلاحظ أنه إضافة إلى هذا الشرط فإنه يستلزم شروطا أخرى كما رأينا؛
- جاء في الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون بأنه ”يمنع ممارسة الترحال الرعوي خارج حدود التراب الوطني.” ما يعطي الإنطباع بإنه لولا هذا المقتضى لخرج الرعاة خارج حدود الوطن دون اعتبار للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية التي تحكم الدخول والخروج للدول، فماذا يقصد المشرِّع بهذا المقتضى الغريب قانونيا؟
- إضافة عدد الرعاة بالمقارنة مع حجم القطيع ونوعه إلى شروط الحصول على رخصة الترحال الرعوي كما رأينا؛
- عند تمديد رخصة الترحال الرعوي يلزم القانون الراغب في ذلك بالتنقل إلى المديرية التي سلمته الترخيص الأول حسب نص القانون فيما القرار المحدد لنموذج طلب الرخصة يتحدث عن المديرية الأقرب التي يوجد القطيع بدائرتها؛
- نص المشرع على أن القانون يدخل حيز التنفيذ فور نشره بالجريدة الرسمية الشيء الذي لا يمكن تحقيقه فعليا وقانونيا نظرا لارتباط تطبيقه بنصوص تنظيمية عددها 18 نصا تنظيميا، التي لم تصدر كلها لحد الآن؛
- فيما يخص حجز الحيوانات، أعطى القانون لمحرر المحضر إمكانية حجز القطيع وليس الزاميته، فما معنى تحرير المحضر وارساله للإدارة في مقابل مواصلة المخالف لارتكاب المخالفة؛
- مسطرة البيع بالمزاد العلني التي تطبقها الإدارة، هل هي تلقائية أم بأمر من المحكمة.
- الاضرار التي تكون تسبب فيها القطيع ماذا عنها في حالة المصالحة خاصة وأن مبلغ المصالحة لا يمكن استعماله لجبر الضرر.
- منح الحق لجبر الضرر جراء الأضرار التي يسببها الرعي بدون ترخيص لإعطاء النص طابعا زجريا؛
- إضافة الطابع الزجري للقانون والتنصيص على تجريم الرعي في الاملاك الفلاحية وإلحاق الضرر بالأشجار والمغروسات وتخريب نقط الماء وإتلاف الحرث والزرع.