كيف تشتري عقارا بالمغرب ؟
يعتبر العقار في المغرب من أبرز المجالات التي أوليت لها الإهتمام في الآونة الأخيرة وذلك نظرا لأهمية العقار في الثقافة المغربية وفي الساحة الاقتصادية الوطنية عموما.
غير أن خوض تجربة اقتناء عقار بالمغرب، يمكن أن تتحول في بعض الأحيان إلى تجربة سيئة بالنسبة للبعض. خاصة عندما لا يكون يتوفر على معرفة في مجال العقار بالمغرب والإلمام بمسطرة اقتناء عقار بالمغرب ومعرفة كيفية اقتناء العقار والمحددات الأساسية لاختيار العقار الذي يلائمه.
سنتناول فيما يلي مسطرة شراء عقار بالمغرب كما هي في القانون المغربي مع إبراز بعض الجوانب العملية لاقتناء عقار بالمغرب، وما يجب معرفته قبل شراء عقار بالمغرب، وسنقدم بعض النصائح لشراء العقارات بالمغرب.
في البداية لابد من التأكيد على أن العقار في المملكة المغربية يعتبر ركيزة للإقتصاد المغربي، إذ يشكل الاستثمار في العقار مجالاً خصبا لانتقال رؤوس الأموال وتشغيل عدد كبير من اليد العاملة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
اعتبارا لذلك، خصَّ المشرع المغربي قطاع العقار بنصوص تشريعية عدة، منها ما يتعلق ببيعه أو فرض ضرائب عليه، ومنها ما يتعلق باقتناءه سواء من طرف الأشخاص المعنويين أو الذاتيين وسواء تعلق الأمر بمواطنين مغاربة أو أجانب.
إن القانون المغربي، عموما، لا يضع شروط شراء عقار بالمغرب سواء من طرف المغاربة أو الأجانب، باستثناء بعض أنواع العقارات التي خصها المشرِّع المغربي بحماية خاصة كما هو الشأن بالنسبة للعقارات الفلاحية والتي يمنع على الأجانب غير المغاربة شراءها.
اقرأ أيضا: شروط تملك الأجانب للعقارات بالمغرب
تبدأ مسطرة شراء عقار بالمغرب بتحديد العقار المراد اقتناءه من طرف الراغب في تملك العقار.
تحديد العقار المراد شراءه
يتم تحديد العقار المراد شراءه من طرف الراغب في امتلاك عقار في المغرب باختيار نوع العقار، حيث هناك عدة أنواع من العقارات كالشقق المتواجدة بالملكية المشتركة أو الفيلات أو أراضي معدة للبناء أو أراض فلاحية.
أما أثمنة العقار بالمغرب، فتختلف باختلاف العقار ومساحته ومكان تواجده. حيث إن ثمن المتر المربع بالنسبة للشقة مثلا يختلف عن ثمن المتر المربع بالنسبة للفيلات أو الأراضي المعدة للبناء أو الأراضي الفلاحية.
كما أن موقع العقار يعتبر محددا رئيسيا لثمنه، حيث إن ثمن العقارات المتواجدة بالمدن الكبرى كالدار البيضاء والرباط ومراكش تختلف عن الأثمنة المعمول بها في المدن الصغرى بالمملكة. كما يختلف الثمن في نفس المدينة وذلك بالنظر للحي الذي يتواجد به العقار.
بعد تحديد العقار المراد امتلاكه، يجب على المشتري استشارة المهنيين المكلفين بالعقار بالمملكة للاستفسار بخصوص مالك العقار أو ملاكه وعن وضعية العقار القانونية.
معرفة وضعية العقار القانونية قبل الشراء
يتوجه الزبون إلى المهنيين المكلفين بتلقي عقود التفويت المنصبة على العقارات والذين يخول لهم القانون ذلك قصد معرفة الوضعية القانونية للعقار، لكون أنظمة العقار في المملكة تتوزع بين نظام العقار المحفَّظ ونظام العقارات غير المحفظة.
اقرأ أيضا: مسطرة تحفيظ عقار بالمغرب
العقار المحفظ هو العقار الذي يتوفر على مراجع عقارية ويُعرف مالكه ومساحته بالتحديد وذلك لكونه مرَّ بمسطرة التحفيظ العقاري التي تشرف عليها الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري والخرائطية.
لذا فإن المعلومات عن العقار المحفَّظ ثابتة ولا يمكن أن تكون محل شك، بعكس العقار غير المحفَّظ الذي لم يخضع لمسطرة التحفيظ العقاري، والذي يمكن أن يكون محل عدة بيوعات لعدة أشخاص وذلك لغياب نظام الإشهار الذي يوفره نظام التحفيظ العقاري، وهو ما يفسر كثرة قضايا النصب بخصوص هذه العقارات أمام المحاكم.
ومن المؤكد أن أثمنة العقارات المحفظة تكون أكثر ارتفاعا وذلك بسبب الضمانات التي يوفرها نظام التحفيظ العقاري، ولكون هذه العقارات يمكن تمويل شراءها بواسطة القروض العقارية من طرف المؤسسات البنكية عكس العقارات غير المحفظة.
اقرأ أيضا: شراء العقار عن طريق البنوك التشاركية بالمغرب
توقيع عقد شراء العقار
بعد معرفة وضعية العقار القانونية وبعد استشارة المهني المكلف بتلقي عقد الشراء وهو إما الموثق الذي له الصلاحية في تلقي العقود المنصبة على العقارات المحفظة والتي هي في طور التحفيظ، وإما العدول الذين لهم الصلاحية في تلقي العقود المنصبة على جميع العقارات سواء كانت محفظة أم غير محفظة، وإما المحامون المقبولون للترافع لدى محكمة النقض.
يحرر الموثق المكلف بالصفقة عقد الشراء باللغة التي يختارها أطراف التعاقد، ويسدد المشتري ثمن الشراء وذلك إما بأداءه مباشرة للبائع أو إيداعه بصندوق الموثق، ومن الأفضل للمشتري دفع ثمن الشراء للموثق، لأن هذا الأخير يحتفظ بمبلغ الشراء ولا يسلمه للبائع إلا بعد استكمال جميع إجراءات البيع ونقل ملكية العقار المُقتنى إلى المشتري.
بعد توقيع الطرفين لعقد شراء العقار، وأداء ثمن الشراء يحوز المشتري العقار المقتنى وذلك بتسلُّمه المفاتيح من البائع، آنذاك يمكنه حيازة العقار المقتنى فعليا ويكون له الحق في استبدال عدادات الماء والكهرباء وتوقيع عقود الاشتراك في الهاتف عندما يتعلق الأمر بشقة أو فيلا أو بناية، أو طلب رخصة البناء عندما يتعلق الأمر ببقعة أرضية مخصصة للبناء.
أداء مصاريف التسجيل والتحفيظ وأتعاب الموثق
بعد توقيع عقد الشراء، فإن المشتري ملزم بأداء مصاريف وأتعاب عقد الشراء للموثق، وهي الضرائب التي يؤديها مقتني العقار لأول مرة وهي رسوم تسجيل عقد الاقتناء. تختلف نسبتها حسب طبيعة العقار المُقتنى، حيث يتم أداء نسبة أربعة بالمائة (4%) من ثمن الشراء عندما يتعلق الأمر باقتناء العقارات المبنية كالشقق والفيلات والبنايات الأخرى، ونسبة خمسة بالمائة (5%) عندما يتم شراء الأراضي المخصصة للبناء أو الأراضي الفلاحية.
اقرأ أيضا: رسوم التسجيل في القانون المغربي
تجدر الإشارة إلى أن ضريبة التسجيل قد تمَّ التخفيض من قيمتها بنسبة خمسين بالمائة (50%) أي النصف بمقتضى قانون المالية التعديلي لسنة 2020، وقانون المالية لسنة 2021، وذلك بسبب مخلفات انتشار جائحة كورونا على سوق العقار بالمملكة المغربية، وتعبا لذلك فإن تسجيل عقود اقتناء العقارات يتم بأداء تعريفة قدرها اثنان بالمائة (2%) بالنسبة للعقارات المبنية، واثنان ونصف بالمائة (2,5%) بالنسبة للأراضي المعدة للبناء وذلك عندما لا يتجاوز مبلغ الشراء أربعة ملايين درهم (4.000.000,00درهم) وذلك إلى غاية نهاية يونيو 2021.
اقرأ أيضا: تدابير قانون مالية 2021 لمواجهة كورونا
يؤدي المشتري كذلك مصاريف تقييد عقد الاقتناء بالسجلات العقارية بالنسبة للعقارات المحفَّظة وهي واحد ونصف بالمائة (1,5%) من ثمن الشراء، إضافة إلى أتعاب الموثق الذي تلقى عقد الشراء، وتتراوح في الغالب بين واحد بالمائة (1%) إلى اثنان بالمائة (2%) من ثمن شراء العقار، ومصاريف التنقل عند الاقتضاء والمصاريف الثابتة.
بعد ذلك، يقوم الموثق بتسجيل العقد بعد توقيعه من الأطراف ويودعه لدى مصالح المحافظة العقارية لتقييده بالرسم العقاري الخاص بالعقار موضوع عملية الشراء. إثر ذلك يقوم بتسليم شهادة ملكية للمشتري تثبت انتقال العقار المقتنى إليه.
يلزم القانون الموثق الذي يتلقى عقد الشراء تطهير العقار من جميع الضرائب التي تثقله وذلك بأداء هذه الضرائب، إن لزم الأمر، من ثمن البيع المودع بصندوقه ويسلم ما تبقى منه للبائع وتسليم نسخة من شهادة الإبراء من الضرائب للمشتري لكي يتأكد من أن العقار الذي اشتراه ليس موضوع أية ضريبة قبل انتقال الملكية إليه.
اقرأ أيضا: كيف تبيع عقارا بالمغرب؟
التصريح بالشراء لدى إدارة الضرائب
في الأخير، بعد تسلم المشتري ملفه من الموثق، فإن هذا الأخير ملزم بإيداع تصريح لدى المديرية الجهوية للضرائب التي يقع العقار بدائرة نفوذها رفقة عقد الاقتناء وذلك لتحويل جدول الضريبة للعقار المقتنى إلى المالك الجديد أي المشتري.